الحكمة الأولى ( من علامة الإعتماد على العمل, نقصان الرجاء عند وجود الزلل)
]يقول الشيخ أحمد زروق في كتابه " قرة العين في شرح حكم العارف بالله ابن عطاء الله السكندري"
الناس ثلاثة :
الأول: رجل يزيد رجاؤه بعمله و ينقص بوجود زلـله لاستشعاره حصول المراد بالعمل و فوات المقصد بوجود الزلل.. و هذا معتمد على عمله في تحصيل أمله فإن كان مشمراً فهو من العاملين و إن كان مفصراً فهو من الغافلين.. بساطه قوله تعالى ( و لتنظر نفس ما قدمت لغد)
الثاني: رجل زاد شكره بعمله و زاد إلتجاؤه بزلـله ; لإستشعار منة الله في العمل و فراره لمولاه في الزلل. و هذا معتمد على فضل مولاه, و ناظرٌ إليه فيما به يتولاه فهو يرجع إليه في السراء بالحمد و الشكر و في الضراء بإظهار الفاقة و الفقرتحقيقاً لقوله تعالى ( و ما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون )
الثالث: رجلٌ أسلم نفسه لمولاه فلم يزعجه ما به تولاه, بل شأنه السكون حيث جريان الأحكام و فقد الإضطراب و الإتهام, فلا يزيد رجاؤه لعلّة و لا ينقص لسبب, و ذلك من عدم إعتباره بأعماله و آماله نظراً لسابق القسمة و قياماً بحق الحرمة و عملاً على قوله تعالى ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) فهو دائم الفكر, متواصل الأحزان كما جاء في وصفه عليه السلام, و ذلك من تحققه بمقام الإحسان.
و قد قال بعض المحققين: من بلغ إلى حقيقة الإسلام لم يقدر أن يفتر عن العمل , و من بلغ إلى حقيقة الإيمان لم يقدر أن يقلت إلى العمل, و من بلغ إلى حقيقة الإحسان لم لم يقدر إلى أن يلتفت إلى أحد سوى الله تعالى.
و يقول إبن عباد في كتابه " غيث المواهب العليّة في شرح الحكم العطائية"
الإعتماد على الله نعت العارفين الموحدين و الإعتماد على غيره وصفُ الجاهلين الغافلين كائناً ما كان ذلك الغيرُ حتى علومهم و أعمالهم و أحوالهم.
أما العارفون الموحِّدون فإنهم على بساط القرب و المشاهدة ناظرون إلى ربهم فانون عن أنفسهم, فإذا وقعوا في زلة أو أصابتهم غفلة شهدوا تصريف الحق تعالى لهم و جريان قضائه عليهم. كما أنهم إذا صدرت عنهم طاعة أو لاح عليهم لائح من يقظة لم يشهدوا في ذلك أنفسهم و لم يروا فيها حولهم و لا قوتهم ; لإن السابق إلى قلوبهم ذكر
...